Image
جريدة القبس : بين يدي 'حكم قضائي'
12-فبراير-2018
عدد المشاهدات : 512
رابط الخبر
​القوانين لم توجد من فراغ، بل وجدت جنبا إلى جنب مع مبادئنا الأخلاقية المتفاوتة بين الصواب والخطأ لتنظم العلاقات البشرية الطبيعية والاعتبارية. الفيلسوف دي مونتسيكو عرّف حق التقاضي وفق المادة 166 من الدستور كالتالي: «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق»، الحق الذي ينظر له كل متخاصم من وجهة نظره أنه على صواب وهذا حق له، هو نزاع يفصل به القضاء، كونه الملجأ الوحيد للمتقاضين وإرجاع الحقوق لأصحابها، فيكون الحكم الذي بين أيدينا حكما قضائيا بموجب الدستور، كون القضاء أساس الملك وضمان الحريات والحقوق.
إن مسألة «بين يدي حكم» موضوع شائك في فهم البعض له عندما يكون هناك حكم قضائي صادر بحق أحد، فيتهافت الناس من يكون له حق مشابه لنفس الحكم الصادر، ليلجأ للقضاء ويطالب بحقه فيُفاجأ بحكم بين يديه مختلف عن الحكم الآخر، فيقع المتقاضي في دوامة الغموض والندب والحيرة عن سبب اختلاف الأحكام القضائية، ليتناسى أن السلطة التقديرية للقاضي بمقتضى القانون، والموضوع الذي أعطاه الحق بأن يضع الحل الأمثل والأنسب والقانوني الذي جانبه الصواب من وجهة تقديره للقضية المنظورة أمامه، فالقاضي مكلف ومسؤول عن تحقيق إرادة المشرع، من خلال تطبيق النص القانوني على الواقعة المعروضة عليه، فيصدر حكما قضائيا مطبقا بموجب القانون في فهمه وتأويله لنص القانوني، واقتناعه أن إرادة المشرع إلى ما توصل إليه، ولا تخرج سلطته التقديرية عن ذلك، إلا أن قياس النزاع المطروح عليه يختلف باختلاف الموضوع، والطلبات وظروف وملابسات القضية تجعل الأحكام مختلفة في تقديرها لبعض الأمور، وما يثار من تساؤل مهم للمتقاضين: لِمَ حكم القاضي لفلان ولم يحكم لي؟! لنجيب أن السلطة التقديرية للقاضي وفهمه للواقعة والأمور المترتبة على القضية جعلته يحكم بما يتناسب مع تلك القضية، وهذا ما يتجاهله المتنازعون من أن القضاء لديه من الحياد والعدالة، التي تبعد عنه أي شبهة في صدور الأحكام، لكننا نجد في بعض القضايا أن هناك مستندا غير متواجد أو دليل الإثبات لم يكن كافيا، فعلى المتقاضين أن يقنعوا القضاء بوجود حق لهم، وعليهم إثبات الواقعة القانونية المنشئة له، حتى يتمكنوا من الحصول على حقهم، أما إذا عجزوا عن ذلك، فحقهم يتجرد من قيمته القانونية، فيكون حقهم والعدم سواء، لذلك نجد سلطة القاضي مطلقة في حالات ومقيدة ببعضها، إلا أنه يلتزم بما لديه ليصدر حكما قضائيا بموجب القانون، الذي يختلف باختلاف نوع القضية المنظورة أمامه.
ولذلك تستمر الحياة ويستمر الصراع والتقاضي للوصول إلى الحق.



حكم
القضاء